حيدرة: مدينة الآثار بين رقيّ الماضي ونسيان الحاضر
بمجرد دخولك لأميدرة القديمة أو لمدينة حيدرة الحدودية تستقبلك آثار ممتدة على حوالي 250 هكتارا في موقع أثري يعتبر من أكبر المواقع التاريخية في تونس لمدينة تأسست في القرن الأول ميلادي و وشهدت ازدهارا اقتصاديا واجتماعيا شاملا لم تعد تعيشه المنطقة منذ عشرين قرنا عن تأسيسها، حيث مازال يطالب سكانها بالعناية بالمدينة في جميع المجالات وخصوصا بحسن إستغلال معالمها الراسخة في القدم والتي تحتوي مسرحا أسّسه الرومانيون وعجز الذين قدموا من بعدهم بمئات السنين حتى على مجرد صيانته وفق ما صرّح به عدد من شباب المنطقة لموزاييك.
في جولة عابرة في مدينة 'أميدرة' يحدثك الخبراء عن موقع المنطقة الحدودية الرابطة بين تونس والجزائر وعن الطريق التي كانت تربط بين قرطاج بتفاست (تبسة الجزائرية) والتي كانت تمر بمواقع عديدة بحيدرة كقوس نصر الإمبراطور 'سبيتيم سيفاروس'،
ويتشكى الأهالي من البنية التحتية الحالية خصوصا من إحدى الطرقات الرابطة بين حيدرة و تالة و التي تحوّل جزء منه إلى ما يشبه المسلك الفلاحي في منطقة تشهد حركية خصوصا و أن بوابة حيدرة تعتبر أحد أهم البوابات التي يستعملها السواح الجزائريون للدخول إلى التراب التونسي.
معالم دينية مثل الكنائس المسيحية و الوندالية يروي تاريخ تأسيسها قصص القدامى، ككنيسة 'كنديدوس' التي تم اهداؤها إلى ضحايا الاضطهاد الذي عاشته 'أميدرة' تحت حكم الإمبراطور 'ديوكليسيانوس' في القرن الرابع ميلادي، و غرفة صلاة تعود إلى العصر الوسيط في بدايات الفتوحات الإسلامية لإفريقية لا تزال شاهدة على التسامح بين الأديان في تونس منذ القدم ففي حيدرة لا تبتعد كنائس المسيحيين على غرف صلاة المسلمين إلا أمتارا قليلة.
الموقع الأثري لحيدرة يحتوي ايضا فسيفساء تجسّد مختلف مدن و جزر البحر الأبيض المتوسط و حمّامات و حصن بيزنطي و سوق عمومية و معالم تاريخية أخرى جديرة بآلاكتشاف من قبل الزوار، و هو ما طالب به سكان المنطقة الذين يسعون إلى التعريف بآثارها لتكون المدينة قبلة السواح المحليين والأجانب عبر إدخالها في المسالك السياحية وعبر الدفع نحو اعتبار المدينة منطقة سياحية بامتياز غنية بالتاريخ و الحضارات لعل أمجاد 'أميدرة' الاقتصادية و الاجتماعية تعود إليها بعد قرون عجاف...
برهان اليحياوي